حرب السعودية على اليمن في 1962-2-
الخرائط
كان القادة الميدانيون المصريون يعانون من انعدام الخرائط الطوبوغرافية مما سبب لهم مشكلة حقيقية في الأشهر الأولى من الحرب. فلم يستطع القادة وضع الخطط للعمليات العسكرية أو إرسال التقارير الدورية أو الإبلاغ عن الخسائر بدون الإحداثيات الدقيقة للمواقع. وكانت لدى وحدات القتال خرائط تستخدم فقط للملاحة الجوية. وقد أقر مدير المخابرات العامة المصرية صلاح نصر أن المعلومات عن اليمن كانت شحيحة. ولأن مصر لم يكن لديها سفارة في اليمن منذ سنة 1961، فقد طلبت معلومات من السفير الأمريكي في اليمن ولكن كل ما أرسله في تقريره كانت معلومات عن الاقتصاد اليمني.وكان نقص الخرائط الكافية وعدم معرفة المصريون بأرض المعركة يؤدي إلى استمرار بقاء القوات المصرية في مستنقع اليمن. وكان من بين القواد الذين تم إرسالهم لتنفيذ "العملية 9000" - وهو الاسم الذي أطلقه قادة الجيش المصري على حرب اليمن - لواء مصري واحد من أصل يمني من قبيلة بني سند اسمه طلعت حسن علي. وكان هذا اللواء هو الوحيد الذي يمكن أن يكون له معرفة باليمن.
ولم يعاني السعوديون والملكيون من هذه المشكلة بسبب الارتباط والتزاوج بين القبائل السعودية واليمنية على جانبي الحدود. وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت السعودية بإرسال آلاف العمال اليمنيين العاملين في المملكة العربية السعودية لمساعدة الإمام بدر. وكانت الزيادة في أعداد القوات المصرية نتيجة مباشرة للتصعيد السعودي البريطاني ولم يكن نتيجة الواقع على أرض المعركة أو حاجات عسكرية صرفة. وقد أرسل العراق أيضاً العديد من البعثيين اليمنيين على متن الطائرات لزعزعة استقرار نظام الضباط الأحرار اليمني الموالي للمصريين.
دور القوات الجوية
ومنذ عام 1962 إلى نهاية الحرب، أدرك قادة الأركان العامة المصرية أهمية الجسر الجوي. ولم يدرك المصريون تأثيره جيداً في اليمن حتى أكتوبر من عام 1963. في هذا الوقت، كان الزعيم الجزائري أحمد بن بلة متورطاً في حرب الرمال مع المملكة المغربية الموالية للولايات المتحدة على قطعة أرض في الصحراء الكبرى أعطيت للجزائر بعد طرد الاحتلال الفرنسي.[33] وكان الجزائريون يمتلكون جيش يعتمد تكتيكات حرب العصابات في مواجهة قوات مسلحة تقليدية. وطلب بن بلة المساعدة من عبد الناصر التي جاءت في صورة كميات ضخمة من الدبابات والعتاد الذي جاء عن طريق البحر والجسر الجوي،[34] والتي جاءت على حسب كلام نتنغ بسرعة وكفاءة عالية من الجيش المصري ومكنت هذه المساعدات الجزائريين من الاحتفاظ بقطعة الأرض المتنازع عليها. في يناير 1964، قام الملكيون بحصار العاصمة اليمنية صنعاء. فقامت ناقلات الأنتونوف إيه إن - 12 المصرية بعمل جسر جوي لنقل أطنان من الطعام والوقود إلى العاصمة المحاصرة. وقدر المصريون تكاليف تجهيز القوات المصرية والجمهورية اليمنية بملايين الدولارات وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت موسكو بتجديد مطار الروضة الحربي خارج صنعاء. فقد رأى القادة السياسيون السوفييت أنها فرصة لكسب موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية ولذلك قاموا بتدريب المئات من الطيارين الحربيين المصريين للخدمة في حرب اليمن.[35]موقف قائد سلاح الجو الأردني
في أثناء الحرب، قامت المملكة العربية السعودية والأردن بعقد اتفاقية للدفاع المشترك والتعاون العسكري عُرفت باتفاقية الطائف. وبسبب حوادث لجوء بعض الطيارين السعوديين إلى مصر بسبب رفضهم قصف المواقع المصرية في اليمن،[23][36] التجأ السعوديون إلى الأردن للقيام بالغارات الجوية. وبالفعل ذهب وفد عسكري أردني إلى السعودية يرأسه قائد الجيش حابس المجالي ومعه قائد سلاح الجو سهل حمزة للاتفاق على تفاصيل الضربة الجوية التي سيقوم بها طيارون أردنيون. وكانت الأهداف التي يجب ضربها مطارات صنعاء، الحديدة، وتعز، وتدمير الطائرات والمعدات الموجودة، السفن المصرية في البحر الأحمر المتجهة والعائدة من اليمن، إذاعة صنعاء، محطة الاتصالات اللاسلكية، قلعة حجة، إذاعة تعز، وميناء الصليف شمال مدينة الحديدة.وبسبب طول المسافة وصغر سعة خزان وقود الطائرات، فقد تم الاتفاق على ضرب الأهداف ثم الاتجاه إلى القاعدة العسكرية البريطانية في عدن لإعادة التزود بالوقود وإكمال تسليح الطائرات وفي طريق العودة يتم ضرب أهداف أخرى.
وفي أثناء زيارة الوفد العسكري غادر قائد سلاح الجو الأردني - سهل حمزة - السعودية إلى عمان بدون إبداء الأسباب وكان في نيته مقابلة العاهل الأردني لمناقشته في جدوى الأمر. وعندما لم يستطع مقابلته. قرر التوجه بطائرته إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر. وقد ذكر سهل حمزة في إحدى الأحاديث الصحفية أنه فكر في الأمر وتوصل إلى أنه إذا رفض القيام به فسيقوم غيره بالمهمة، وإذا امتثل فهو "عار له ولبلده".[37]
مصلحة إسرائيل في الحرب
كتب المؤرخ المصري حسنين هيكل أن إسرائيل قامت بإعطاء شحنات من الأسلحة كما أقامت اتصالات مع المئات من المرتزقة الأوروبيين الذين يقاتلون بجانب الملكيين في اليمن.[38] وقامت إسرائيل بإنشاء جسر جوي سري بين جيبوتي وشمال اليمن. وأعطت الحرب الفرصة للإسرائيليين لمراقبة وتقييم التكتيكات الحربية المصرية وقدرتها على التكييف مع ظروف المعارك. بعد ثلاثة عقود من الحرب، أكد الإسرائيليون كلام هيكل.جيم جونسون، زعيم المرتزقة الأوروبيين كان يفكر بشراء طائراتهم الخاصة [39] توجه إلى طهران ليقنع الإيرانيين (تحت حكم الشاه وقتها) للقيام بإسقاط جوي[40] نجحت الجهود بعد سفر مستشار المرتزقة نيل بيلي مكلين إلى تل أبيب ولقاء موشي ديان وأميت مائير، رئيس الموساد[41] شهد الإسقاط الجوي الأول للأسلحة الكولونيل جوني كوبر والتي كانت 180 بندقية، 34،000 طلقة من ماوزر و 72 قذائف مضادة للدبابات و 68 كيلو من المتفجرات البلاستيكية. قد أخفى الإسرائيليين مصدر الأسلحة [42] كانت الطائرات الإسرائيلية تحلق على طول السواحل السعودية تلقي الأسلحة في اليمن وتتزود بالوقود في الصومال وجيبوتي وتعود إلى إسرائيل وأسمى الإسرائيليين عملياتهم (إنجليزية:Operation Porcupine عملية النيص ) [43] واستمرت الطائرات الإسرائيلية بتزويد المرتزقة الأوروبيين والملكيين بالأسلحة لمدة سنتين.[44]
القوات الملكية اليمنية وحلفاؤها

صعدة في الأيام الأولى لثورة 26 سبتمبر اليمنية
قام الإمام البدر بتشكيل جيشيين - واحد تحت قيادة الأمير حسن في الشرق والثاني تحت قيادته في الغرب. وسيطر الجيشان على معظم شمال وشرق اليمن، بما فيه من مدينتي حريب ومأرب. ولكن عاصمة الشمال، صعدة - التي كانت لتعطي للإمام طريقا إستراتيجيا هاما للعاصمة صنعاء - كانت تحت سيطرة الجمهوريين. وكانت هناك مناطق مثل مدينة حجة، حيث كان الملكيون يسيطرون على الجبال بينما سيطر المصريون والجمهوريون على المدينة وقلعتها. وقد تم إرسال مرتزقة من فرنسا، بلجيكا، وإنجلترا، من الذين حاربوا في روديسيا، شبه الجزيرة المالاوية، الهند الصينية، والجزائر، لمساعدة الإمام في التخطيط للحرب، التدريب وإعطاء للقوات غير النظامية التابعة للإمام القدرة على الاتصال بالسعوديين وفيما بينهم.
كما قام أولئك المرتزقة بتدريب رجال القبائل على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات مثل المدفع عيار 106 مليمتر، وكذلك قاموا بتدريبهم على زرع الألغام.[45] ولا يزال عدد المرتزقة الأوروبيين مجهولاً وقدرته المصادر الغربية بالمئات بينما قدرته المصادر المصرية بخمسة عشر ألف مرتزق.[18] وكانت تكتيكات الملكيين محصورة في طرق حرب العصابات لعزل القوات التقليدية المصرية - الجمهورية العربية اليمنية، والقيام بهجمات على خطوط الإمداد.
مراحل القتال
قسمت قيادة الأركان العامة المصرية حرب اليمن إلى ثلاثة أهداف عملياتية. الأول كان الشق الجوي، وبدأ هذا الشق بطائرات تدريب قامت بعمليات تمشيط كما قامت أيضاً بحمل القذائف وانتهى بثلاثة أسراب من القاذفات المقاتلة، تمركزت بالقرب من الحدود اليمنية السعودية. وقام المصريون بطلعات جوية على طول ساحل تهامة وفي مدن نجران وجازان السعوديتين. وكان هدف هذه الطلعات قصف تشكيلات الملكيين الأرضية وتعويض قلة التشكيلات المصرية على الأرض بالقوة الجوية. وبجانب الغارات الجوية المصرية، كان الشق العملياتي الثاني هوالسيطرة على الطرق الرئيسية المؤدية للعاصمة صنعاء والطرق التي تربطها بالمدن والقرى الرئيسية. وكانت حملة "رمضان" هي أكبر هجوم نُفذ من أجل هذه الشق العملياتي الذي بدأ في مارس من سنة 1963 ودام حتى فبراير سنة 1964، وركز على فتح وتأمين الطرق من صنعاء إلى صعدة في الشمال، وطريق صنعاء-مأرب في الشرق. وكانت نتيجة نجاح المصريين أن الملكيين سيتخذون الهضاب والجبال ملجأ لإعادة التجمع والقيام بالكر والفر.وكان الشق العملياتي الثالث هوإخضاع القبائل وإغراءهم لتأييد الجمهوريين. وتطلب ذلك إنفاق أموال كثيرة لإمداد القبائل بالمساعدات بل ورشوة زعماء القبائل.[46]
وبقدوم عام 1967، تمركزت القوات المصرية في مثلث الحديدة - تعز - صنعاء للدفاع عنه. وقامت بعمل طلعات جوية لقصف جنوب المملكة العربية السعودية وشمال اليمن. وقد أراد عبد الناصر انسحاباً متزامناً للقوات المصرية والسعودية من اليمن لحفظ ماء الوجه. ولكن هذه الانسحاب جاء عند اندلاع حرب يونيو لسنة 1967، فبسبب طلب عبد الناصر سحب قوات الأمم المتحدة من سيناء[47] ووجود عدد كبير من القوات المصرية في اليمن، تشجعت إسرائيل على القيام بهجوم جريء على ثلاثة دول عربية هي مصر، سوريا، والأردن. وبعد نكسة 67، بدأ العرب في الإتحاد ضد إسرائيل. وقد أعطى ذلك عبد الناصر الفرصة للخروج من اليمن في قمة الخرطوم. ومن سنة 1968 إلى سنة 1971، انسحبت مصر والسعودية ومعهم مئات المرتزقة من اليمن.
حملة رمضان

دمار ناتج عن قصف مصري على مدينة مأرب.
حملة حرض
في 12 يونيو، قام 4,000 جندي من قوات المشاة المصرية مدعمون بالجيش الجمهوري والمتطوعين من محمية عدن بغزو مدينة بيت عداقة التي تقع على بعد 30 ميلاً غرب صنعاء حيث تمتد جبهة يقودها الأمير عبد الله من طريق الحديدة عبر كوكبان إلى جنوب حجة. وفي خلال يومين، تقدم الهجوم حوالي 12 ميلاً، قبل أن يتم صدهم بهجوم ملكي مضاد. وقد اعترف الملكيون بمقتل 250 من جانبهم. ثم هاجم الجمهوريون مدينة السودة، التي تبعد حوالي 100 ميل شمال غرب صنعاء. وقد استغلوا قلة شعبية الأمير عبد الله بين القبائل لشراء شيوخها ودخلوا المدينة بلا مقاومة. ولكن بعد مرور شهر، بعثت القبائل بمندوبين للبدر يطلبون العفو ويطلبون منه المال والسلاح لقتال المصريين. وارسل البدر قوات جديدة واستطاع استعادة المناطق المحيطة بالمدينة ولكن ليس المدينة نفسها.[51]
ملكيون في ناقلة بي تي أر-152 سوفيتية استولوا عليها قرب حرض.
وفي هذه الأثناء، خطط المصريون لتحرك منسق من صعدة إلى الجنوب الغربي، تحت جبال رازح، للانضمام مع القوة القادمة من حرض. وقد اعتمدوا على شيخ قبيلة محلية الذي كان من المفروض أن تنضم قواته إلى 250 من قوات المظلات المصرية. ولكن الشيخ لم يحضر لاستقبال المظليين. فاضطروا إلى العودة إلى صعدة وقد خسروا بعضهم بنيران قناصة الملكيين. وبعث البدر بمبعوثين ورسائل لاسلكية في جميع أنحاء البلاد يطلب فيها الدعم. وطلب حضور قوات الاحتياط التي تتدرب في الجوف. وقد وصلت هذه القوات على شاحنات تحمل مدافع عيار 55 و 57 مليمتر ومدافع مورتر عيار 81 مليمتر بالإضافة إلى مدافع آلية ثقيلة بعد 48 ساعة. وقاموا بضرب الصفوف المصرية الغارقة في الوحل داخل الوادي بالمدافع. وقد أعلن الملكيون فيما بعد أنهم دمروا 10 دبابات مصرية وحوالي نصف عرباتهم المدرعة كما ادعوا أيضاً إسقاط قاذفة إليوشن.[53] وقام الملكيون بهجومين آخرين أحدهما على جهينة وقتلوا العديد من ضباط الأركان. والثاني كان محاولة لقصف صنعاء من قمم أحد الجبال القريبة. وقد شارك في هذه العملية خبراء بريطانيون ومرتزقة فرنسيون وبلجيكيون من كاتانغا. وقد قاموا بهجمات خاطفة أخرى من ضمنها غارات على الطائرات والدبابات المصرية في مطار صنعاء الجنوبي وهجوم بقذائف المورتر على أماكن معسكرات المصريين والجمهوريين في تعز.[54]
وعلى الرغم من أن المصريين استطاعوا إخراج البدر من مقر قيادته إلى كهف في الجبال، إلا أنهم لم يستطيعوا اغلاق الطرق من الحدود السعودية. وقد اعلنوا انتصارهم في الحملة في الإذاعة والصحف ولكنهم اضطروا إلى الموافقة على هدنة في مؤتمر اركويت بالسودان في 2 نوفمبر.[55]
هجمات الملكيين
قام الملكيون بإجهاض أربع محاولات مصرية لفتح طريق مباشر إلى جبال رازح ما بين ديسمبر 1964 وفبراير 1965. وقد خفت حدة هذه المحاولات المصرية تدريجياً، وفقد المصريون 1,000 جندي ما بين قتيل وجريح وأسير. وفي هذه الأثناء كان الملكيون يحضرون للقيام بحملة.[56]وكان خط المواصلات المصري من صنعاء إلى مأرب يتخذ طريقاً غير مباشر حيث يمر بعمران ثم وادي الخيران حيث يتفرع إلى الشمال الشرقي إلى حرف سفيان. ومن حرف سفيان يتحول جنوباً إلى فرح ثم إلى الجنوب الشرقي إلى وادي الحميدات، المطمة، والحزم. ومن الحزم إلى الجنوب الشرقي إلى مأرب وحريب. وتمر القوافل العسكرية المصرية من هذا الطريق مرتين في الشهر. لأن الملكيين أغلقوا الطريق المباشر عبر الجبال بين صنعاء ومأرب.[57]
وكان هدف الملكيين تحت قيادة الأمير محمد هو قطع هذا الخط لإجبارهم على الانسحاب. وخططوا للتغلب على الحاميات العسكرية المنتشرة على الطريق وإنشاء مواقع لقطع الطريق على المصريين. وقد نسقوا مع قبيلة نهم التي كانت تتظاهر بالتحالف مع المصريين لمساعدتهم على عبور طريق الجبال عير وادي الحميدات. ووعد الملكيون قبيلة نهم بإعطائهم الغنائم. وقد شعر المصريون بأنه يوجد لهم مخطط لأنهم قاموا بإرسال طائرة استطلاع إلى المنطقة قبل الهجوم بيوم. وقد قام الملكيون ينصب رشاشات عيار 75 مليمتر ومدافع مورتر على الجبل الأسود والجبل الأحمر المشرفين على الوادي.[58]
وفي 15 أبريل، بعد أن عبرت آخر قافلة مصرية، قام الملكيون بهجوم مفاجئ. وكان عدد المتحاربين من الجانبين 2,000 لكل منهما. وقامت الرشاشات على الجبلين الأسود والأحمر بفتح النار، وخرج رجال قبيلة نهم من وراء الصخور. ثم خرجت جنود الأمير محمد. وكانت هذه العملية الملكية منسقة باللاسلكي لأول مرة. وقد استسلم بعض الجنود المصريين بلا مقاومة، وهرب آخرون إلى الشمال. ولكن قام الجانبان بإعادة التعبئة والتسليح وتحولت المعركة ما بين حرف سفيان والحزم.[58]
وفي هذه الأثناء، قام الأمير عبد الله بن حسن بغارة على المواقع المصرية في الأعروش شمال شرق صنعاء، وهاجم الأمير محمد بن محسن المصريين بخمسمائة رجل غرب الحميدات، وضرب الأمير حسن بالقرب من صعدة وتحرك الأمير حسن بن الحسين من الجماعة غرب صعدة، إلى موقع يمكنه من ضرب المطارات المصرية بمدافع المورتر. واستسلم خمسون مصرياً في المطمة بالقرب من الحميدات. واضطر المصريون بعد ذلك إلى إمداد الحاميات في الطرق الجبلية التي كان عددها يتراوح بين 3,000 و 5,000 جندي مصري عن طريق الجو.[59]
القمة العربية بالإسكندرية ومؤتمر أركويت
وفي سبتمبر من سنة 1964، تقابل عبد الناصر والملك فيصل في مؤتمر القمة العربية بالإسكندرية.[60] وكان لايزال في اليمن 40,000 جندي مصري وقُتل 10,000 جندي آخر. وفي البيان الختامي للقمة تقرر الآتي:- المساهمة في حل الخلافات بين مختلف الفصائل اليمنية.
- العمل سوياً لوقف القتال المسلح في اليمن.
- الوصول إلى حل بالطرق السلمية.
ولكن المصريون قاموا بقصف بعض المواقع الملكية يوم 4 نوفمبر، فتأجل المؤتمر الموسع إلى يوم 30 نوفمبر ثم إلى أجل غير مسمى. وتبادل الجمهوريون والملكيون الاتهامات لعدم الحضور.[62]
التعثر
حاولت الإذاعة الملكية إثارة الشقاق بين الجمهوريين عن طريق وعدهم بالأمان بعد انسحاب القوات المصرية من اليمن. وقد وعد البدر أيضاً بتشكيل "نظام دستوري ديموقراطي" محكوم "بمجلس شعب ينتخبه شعب اليمن". وقد لبى عبد الناصر طلب عبد الله السلال عندما طلب منه الدعم العسكري فبعث له الجنود والسلاح على طائرة شحن من القاهرة.وبحلول شهر أغسطس، كان لدى الجمهوريون سبعة "جيوش"، يتراوح عدد مقاتلي كل جيش ما بين 3,000 و 10,000 مقاتل، ويصل مجموعهم ما بين 40,000 إلى 70,000 مقاتل. وكان يوجد حوالي خمسة أو ستة أضعافهم من رجال القبائل والقوات النظامية تحت قيادة الأمير محمد. وفي بدايات شهر يونيو تحركوا إلى سيروه في شرق اليمن. وفي 14 يونيو، دخلوا القفلة واحتلوا مأرب في 16 يوليو. وطبقاً للإحصاءات المصرية، كانت خسائر مصر من القتلى تصل إلى 15,194 مصرياً.[7] وكانت الحرب تكلف مصر 500,000 دولار يومياً. وخسر الملكيون 40,000 من القتلى.[6]
وفي بداية شهر مايو، عزل السلال رئيس وزراءه الفريق حسن العمري وعين محمد أحمد نعمان بدلاً منه. وكان نعمان يُعتبر معتدلاً ويؤمن بجدوى الحل السلمي. وقد قدم استقالته من مجلس شورى الجمهورية في ديسمبر للاحتجاج على "فشل السلال في تحقيق تطلعات الشعب". وكان من أول قرارات نعمان هو ترشيح 15 شخصية لتولى الحقائب الوزارية التي حرص على أن يتوزعوا بالتساوي بين الزيديين والشافعيين.
مؤتمر خمر، قمة جدة ومؤتمر حرض
مؤتمر خمر
قام نعمان بدعوة القبائل من جميع الفصائل إلى المصالحة الوطنية. وقال في دعوته التي بثت على إذاعة صنعاء أنه سيقابلهم في خمر التي تبعد 50 ميلاً شمال صنعاء لتحقيق "السلام من أجل شعب اليمن". وقال أنه سيرأس وفد الجمهوريين في المؤتمر وأن السلال سيبقى في صنعاء لأقناع البدر بحضور المؤتمر.[63]ولكن لم يحضر البدر أو أي من قادته الكبار، ولكن حضر بعض من مشايخ القبائل الكبار المؤيدين للملكيين. وعين المؤتمر خمسة شيوخ قبائل وأربعة قيادات دينية في لجنة مكلفة بالمساعدة على الوصول لحل سلمي. وبارك عبد الناصر هذا المؤتمر الذي وعد فيه نعمان الملكيين بانسحاب القوات المصرية. وقالت إذاعة القاهرة أن المؤتمر هو "فجر عهد جديد" وقال السلال أن المحادثات كانت "ناجحة"، ومن جانب الملكيين قال البدر "أنه من الضروري إنهاء الحرب التي دمرت وطننا الحبيب بالمفاوضات السلمية بين اليمنيين".[64] ولكن في أوائل يونيو عندما قال نعمان أن القوات المصرية ستغادر اليمن وسيحل محلها قوات جمهورية ملكية مشتركة. عارض الناصريون الاتفاق. وبعد أن سافر نعمان للقاهرة للاحتجاج لدى عبد الناصر، قام السلال بسجن سبعة وزراء مدنيين في إدارة نعمان. واستقال نعمان وكان تعليقه على الأمر أن "من الواضح أن السلال ورفاقه يريدون الحرب لا السلام". وعين السلال حكومة جديدة من 13 عسكري ومدنيين.[65]
قمة جدة

الشيخ الأحمر يصافح بعضاً من مشايخ بكيل الذين حضروا مؤتمر حرض إلى جانب الوفد الملكي.
- انسحاب القوات المصرية من اليمن تدريجياً خلال عشرة أشهر ووقف كل المساعدات السعودية للملكيين.
- تكوين مجلس يمني من 50 عضواً يمثلون جميع الفصائل اليمنية ويكون مكلفاً بتكوين حكومة انتقالية تمهيداً لاستفتاء عام لتحديد مستقبل اليمن.[67]
مؤتمر حرض
مقالة مفصلة: مؤتمر حرض
اعتقال رئيس الوزراء اليمني في القاهرة

من معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية 1967م
الوضع الاقتصادي في مصر
بحلول عام 1965، كان الدين الخارجي المصري قد بلغ 400 مليون جنيه مصري. وقد قام عبد الناصر بتلخيص الوضع الاقتصادي في الخطبة التي ألقاها بمناسبة عيد النصر في بورسعيد بتاريخ 21 ديسمبر من نفس العام. فصارح الشعب بأنه يحتاج إلى 3 مليارات جنيه مصري للصرف على الخطة الخمسية الجديدة 1965-1970 وبأنه قام برفع أسعار بعض السلع مثل السيارات، الثلاجات، التليفزيونات، وأجهزة تكييف الهواء وبعض الكماليات الأخرى. وزادت أسعار بعض الأدوية التكميلية مثل الفيتامينات بنسبة 10%. وقال أن رفع الأسعار يوفر 100 مليون جنيه سنوياً. كما اتخذ إجراءات لرفع معدل الإدخار تدريجياً من 15% عام 1965 إلى 25% بحلول عام 1970.[72]وقد حدث الكثير من التذمر والاعتراض في صفوف الشعب المصري من هذه الزيادات في الأسعار، ولام البعض السياسة الخارجية المصرية ومساندتها لحركات التحرر في العالم العربي وأفريقيا وكانت الحرب في اليمن لها النصيب الأكبر من هذه الاعتراضات لأنها كانت لا تزال تجري على الأرض. واستغلت الصحافة الغربية الوضع الاقتصادي للهجوم على عبد الناصر.[73][74] ولكن المدافعون عن سياسة رفع الأسعار نفوا أن تكون السياسة الخارجية أو التدخل في اليمن له تأثير على الوضع الاقتصادي الداخلي وقد كتب محمد حسنين هيكل عام 1965 تعليقًا على خطاب الرئيس أن حرب اليمن لم تكلف مصر 200 مليون جنيه.[75]
ولكن الوضع الاقتصادي كان قد وصل لمرحلة سيئة فعلاً بعد حرب سنة 1967. فقد تضاعف الإنفاق العسكري، وتم وقف العديد من المشاريع الصناعية الكبرى، ورفعت أسعار الكثير من السلع خصوصًا السلع التكميلية والسجائر وتذاكر دور المسرح والسينما. كما خسرت مصر الكثير جراء قرار إغلاق قناة السويس، بالإضافة إلى آبار النفط في سيناء.
الانسحاب المصري من اليمن
طالع أيضًا: حرب 1967
وفي مؤتمر القمة العربية بالخرطوم الذي عُقد بعد الحرب، أعلنت مصر بأنها مستعدة لسحب قواتها من اليمن. واقترح وزير الخارجية المصري محمود رياض إعادة إحياء اتفاق جدة لعام 1965.[77] وقبل الملك فيصل الاقتراح، ووعد البدر بإرسال قواته للقتال مع مصر ضد إسرائيل. ووقع عبد الناصر والملك فيصل اتفاقية تنص على سحب القوات المصرية من اليمن ووقف المساعدات السعودية للملكيين وإرسال مراقبين من ثلاث دول عربية محايدة هي العراق، السودان، والمغرب. ورفض السلال الاتفاق واتهم عبد الناصر بخيانته.[78] وقامت مصر بإعادة ممتلكات سعودية بقيمة 100 مليون دولار كانت قد جمدتها سابقاً،[79] وتراجعت السعودية عن تأميم ثلاثة مصارف مملوكة لمصريين.[66][71]
انحسار شعبية السلال
كانت شعبية السلال بين جنوده في انحسار، فبعد أن تعرض لمحاولة اغتيال بواسطة اثنين من جنوده، اتخذ حراسًا مصريين. كما أمر بالقبض على مدير الأمن العام عبد القادر الخطري ووزير الداخلية الأهنومي بعد أن قامت الشرطة بإطلاق النار على محتجين تظاهروا أمام مقر القيادة المصرية يوم 3 أكتوبر عام 1967 لرفضهم حضور اللجنة العربية المكلفة بتحقيق السلام في اليمن التي رفض السلال الاعتراف بها. كما قام بحل الحكومة وقام بتعيين واحدة جديدة يتولى ثلاثة عسكريون الوزارات المهمة فيها. وتولى بنفسه منصبي وزير الدفاع والخارجية. وفي مصر قام عبد الناصر بإطلاق سراح ثلاثة قادة جمهوريين احتجزهم لأكثر من سنة لأنهم كانوا يريدون التفاوض مع الملكيين،[80] وهم القاضي عبد الرحمن الإرياني، أحمد محمد نعمان، وحسن العمري.[81][82]وعندما قام السلال بزيارة القاهرة أوائل نوفمبر، نصحه عبد الناصر بالاستقالة والذهاب إلى المنفى. ورفض السلال نصيحة عبد الناصر وذهب إلى بغداد طالبًا الدعم من البعثيين. وبعد أن غادر القاهرة أرسل عبد الناصر إلى قواته تعليمات بعدم الوقوف أمام محاولة انقلاب كانت تجري ضد السلال. وهي المحاولة التي كللت بالنجاح في 5 نوفمبر.[83]
حصار صنعاء
مقالة مفصلة: حصار السبعين

جنود مؤيدون للجمهوريين شاركوا في معارك نقيل يسلح أثناء حصار صنعاء.
كما أن حركة 5 نوفمبر والانقلاب على السلال أثناء زيارته لبغداد أضعف من موقف الجمهوريين وأثار شكوك الدول الداعمة للجمهوريين في قدرتهم على الصمود. وقد تشكلت بعد الإطاحة بالسلال حكومة كان بعض أفرادها خارج اليمن أو خرجوا منها بعد تعيينهم.
وعلى الجانب الآخر، كان الملكيون متفوقين عسكرياً من حيث العدة والعدد ويصاحبهم العديد من المرتزقة الأجانب. فقرروا محاصرة العاصمة صنعاء لحسم الموقف والقضاء على الجمهورية. ولكن الجمهوريين استعادوا تماسكهم وعينوا الفريق حسن العمري رئيساً للحكومة كما حافظ على موقعه كقائد للجيش.[84] وقد دام الحصار سبعين يوماً شهد معارك عديدة داخل المدينة وعلى أطرافها. وقد أحدث الطيران العسكري والمدني الجمهوري فارقاً كبيراً في المعركة.
وقد ساندت الصين ومصر الجمهوريين عسكرياً واقتصادياً وبعثت سوريا بطيارين لقيادة الطائرات اليمنية المقاتلة التي كانت مكونة بالأساس من طائرات ميج-17. وأفادت بعض التقارير الغربية أن الاتحاد السوفيتي بعث بطيارين حربيين لمساندة الجمهوريين.
وقد أدى انتصار الجمهوريين في معركة الحصار إلى نتائج عديدة منها اعتراف المملكة العربية السعودية فيما بعد بالجمهورية اليمنية.[85] واكتمال انسحاب القوات المصرية من اليمن عام 1971 وصاحب الانتصار أيضاً خروج بريطانيا من اتحاد الجنوب العربي في عام 1967.
توابع الحرب
يشير المؤرخون العسكريون المصريون إلى حرب اليمن بأنها فيتنام مصر. وقد كتب المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل أورين (بالعبرية: מיכאל אורן) أن "مغامرة" مصر العسكرية في اليمن كانت كارثة لدرجة أنه "يمكن مقارنتها بحرب فيتنام". وبحلول عام 1967، كان هناك 55,000 جنديًا مصريًا مرابطًا في اليمن، من ضمنهم الوحدات الأكثر خبرة وتدريبًا وتجهيزًا في كل القوات المسلحة المصرية. وبالرغم من قتالهم العنيد ضد الفصائل الملكية، إلا أن غيابهم عن أرض الوطن خلف فجوة في الدفاعات المصرية. وقد أثر ذلك كثيرًا على مصر خلال حرب يونيو 1967[86][87].وبمقارنة الأداء المصري في هذه الحرب مع بقية الحروب التي خاضتها، فإن المصريين أظهروا مستوًى عاليًا من المبادرة والابتكار العسكري. وعلى سبيل المثال، قام المصريون بتعديل طائرات التدريب والناقلات السوفيتية للعمل كطائرات تمشيط وقاذفات. وقاموا بتطوير تكتيكاتهم ولكنها تعثرت في حرب عصابات الفصائل الملكية. وقد أدرك مخططو الحرب المصريون بعد هذه الحرب أن مضيق باب المندب يعطي عمقًا إستراتيجيًا كبيرًا يمكنهم من منع وصول إمدادات النفط لإسرائيل، وهو ما حدث في حرب أكتوبر عام 1973.
تسلسل تاريخي
التاريخ | العام | الحدث |
---|---|---|
1918 | استقلال شمال اليمن من الدولة العثمانية وتأسيس الإمام يحيى حميد الدين للمملكة المتوكلية اليمنية. | |
فبراير | 1948 | قيام «ثورة الدستور» و اغتيال الإمام يحيى حميد الدين ، وتولي نجله نجله الحكم وقمع الثورة وإعدام قادتها. |
مارس | 1955 | قيام «إنقلاب 1955» بقيادة المقدم أحمد الثلايا ضد الإمام أحمد ومحاصرة قصرة في تعز، والقبائل تهاجم المدينة وتفشل الإنقلاب وأعدام الثلايا وضباط الإنقلاب. |
يوليو | 1959 | قيام «تمرد 1959 في اليمن» من عدد من مشائخ حاشد وقادة من الجيش ضد الإمام أحمد يحيى حميد الدين الذي كان يتعالج في إيطاليا، بدعم من نجله البدر، ولكن فشل التمرد بعد أن عاد الإمام أحمد من رحلته وألقى خطاب في الحديدة هدد فيه قادة الإنقلاب. |
مارس | 1961 | «محاولة اغتيال الإمام أحمد 1961» في مستشفى الحديدة يقوم بها الضباط الأحرار «العلفي - واللقية - والهندوانة». |
26 سبتمبر | 1962 | تفجير «ثورة 26 سبتمبر» على أيدي «الضباط الأحرار» ضد الحكم الإمامي بمساعدة من مصر وقتل الإمام أحمد وقيام الجمهورية العربية اليمنية برئاسة عبدالله السلال. |
1962 - 1970 | حرب أهلية بين الجمهوريين الذين تساندهم مصر والملكيين الذين تساندهم السعودية . | |
سبتمبر | 1972 | اشتباكات حدودية في "حرب 1972 اليمنية" بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والتوصل إلى إتفاق القاهرة 1972 لوقف إطلاق النار بوساطة الجامعة العربية. |
5 نوفمبر | 1967 | انقلاب ضد المشير عبد الله السلال اثناء زيارته للعراق، وتشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أمناء، برئاسة القاضي عبد الرحمن الإرياني. |
13 يونيو | 1974 | إنقلاب أبيض على القاضي الارياني وتولي السلطة مجلس عسكري مكون من سبعة عقداء برئاسة المقدم إبراهيم الحمدي. |
11 أكتوبر | 1977 | اغتيال إبراهيم الحمدي ، وتولى أحمد حسين الغشمي السلطة لأقل من عام. |
يونيو | 1978 | اغتيال أحمد حسين الغشمي بحقيبة مفخخة ، وتولى عبد الكريم العرشي رئاسة الجمهورية. |
18 يوليو | 1978 | تنحي عبد الكريم العرشي عن الرئاسة وتولي علي عبد الله صالح السلطة. |
مارس | 1979 | تجدد القتال في «حرب 1979 اليمنية» بين شمال اليمن وجنوبة. |
22 مايو | 1990 | توقيع اتفاقية الوحدة مع اليمن الجنوبي . |
تعليقات
إرسال تعليق