السعودية والحرب على اليمن 1962-1-
ثورة 26 سبتمبر اليمنية
ثورة 26 سبتمبر اليمنية حرب اليمن |
|||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
![]() قوات ملكية يمنية في محاولة لصد هجوم مدرعة مصرية |
|||||||
|
|||||||
المتحاربون | |||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() ![]() ![]() |
||||||
القادة | |||||||
![]() ![]() ![]() |
![]() ![]() ![]() |
||||||
القوى | |||||||
200,000 مقاتل من القبائل [2]
15,000 مقاتل أوروبي (مصادر مصرية) |
3,000 (1964) [3] 70,000 [4] |
||||||
الخسائر | |||||||
![]() |
![]() 100,000 - 200,000 قتيل يمني من الملكيين والجمهوريين [8] |
|
تلقى الإمام البدر وأنصاره الدعم من السعودية والأردن وبريطانيا وتلقى الجمهوريين الدعم من مصر جمال عبد الناصر. وقد جرت معارك الحرب الضارية في المدن والأماكن الريفية، وشارك فيها أفراد أجانب غير نظاميين فضلاً عن الجيوش التقليدية النظامية.
أرسل جمال عبد الناصر ما يقارب 70,000 جندي مصري وعلى الرغم من الجهود العسكرية والدبلوماسية، وصلت الحرب إلى طريق مسدودة واستنزفت السعودية بدعمها المتواصل للإمام طاقة الجيش المصري وأثرت على مستواه في حرب 1967 وأدرك جمال صعوبة إبقاء الجيش المصري في اليمن.
انتهت المعارك بانتصار الجمهوريين وفكهم الحصار الملكي على صنعاء في فبراير 1968 [9] وسبقها أيضاً انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
محتويات
- 1 مقدمة
- 2 أحداث سنة 1962
- 3 الدوافع الإستراتيجية المصرية
- 4 في ميدان القتال
- 5 القوات الملكية اليمنية وحلفاؤها
- 6 مراحل القتال
- 7 القمة العربية بالإسكندرية ومؤتمر أركويت
- 8 التعثر
- 9 مؤتمر خمر، قمة جدة ومؤتمر حرض
- 10 اعتقال رئيس الوزراء اليمني في القاهرة
- 11 الوضع الاقتصادي في مصر
- 12 الانسحاب المصري من اليمن
- 13 انحسار شعبية السلال
- 14 حصار صنعاء
- 15 توابع الحرب
- 16 تسلسل تاريخي
- 17 طالع أيضًا
- 18 مراجع
مقدمة
مقالات مفصلة: المملكة المتوكلية اليمنية
- الإمامة الزيدية
- تاريخ اليمن الحديث
وفي 31 مارس عام 1955، حدث انقلاب قام به المقدم أحمد يحيى الثلايا. وقد قام المقدم أحمد بقيادة فرقة من الجنود لمحاصرة الإمام في قصره في مدينة تعز. وطالبوا الإمام تسليم نفسه وهو ما حدث. وقد اختلف قادة الانقلاب فيما بينهم على مصير الإمام. فبعضهم اقترح قتله. والبعض الآخر اقترح أن يستبدل به أخيه الأمير سيف الله عبد الله. وفي أثناء ذلك قام الإمام بفتح خزائن قصره واشترى جنود الثلايا. كما قامت سيدات الأسرة المالكة بقص شعورهن ووضعوها في أظرف وأرسلوها إلى القبائل وكتبوا لهم "يا غارة الله بنات النبي". فهجمت القبائل على تعز وفشل الانقلاب.[13] ( أنظر انقلاب 1955 )
وفي صيف عام 1959، سافر الإمام أحمد إلى روما للعلاج من التهاب المفاصل الرثياني. فاعتقد البدر أنها نهاية أبوه. فقام بإنشاء مجلس نيابي برئاسة القاضي أحمد الصياغي. كما قام بإلقاء خطاب ضد الإمام في احتفال للجيش اليمني. فثار أفراد الأسرة الحاكمة ضد البدر مما دفعه للاستعانة بالقبائل لإخماد ثورتهم. ورغم أن عيون البدر في روما تخبره أن أبوه يحتضر. إلا أن الإمام أحمد أفاق من مرضه ورجع إلى اليمن وقام بإلغاء كل ما قام به البدر من إصلاحات. كما أمر باسترجاع الأموال والسلاح التي أعطاها البدر للقبائل التي أيدته في الإصلاحات. وهرب شيوخ القبائل إلى السعودية ولكن الملك سعود بن عبد العزيز ضمنهم عند الإمام أحمد. ولما رجعوا، أعطاهم الإمام لابنه البدر فقام بذبحهم ترضية لأبيه. وكانت هذه الحادثة دليلاً للذين عقدوا الآمال على البدر أنه لا يختلف كثيراً عمن سبقوه. ( أنظر تمرد مشائخ حاشد 1959 )
وعندما قتل الإمام أحمد في 19 سبتمبر عام 1962،[14] خلفه ابنه الإمام البدر في الحكم. وكان قرار تعيين عبد الله السلال قائداً للحرس الملكي من أولى القرارات التي اتخذها الإمام.
أحداث سنة 1962
طالع أيضًا: أهم أحداث ثورة 26 سبتمبر اليمنية
التخطيط

صورة بعد قيام ثورة 26 سبتمبر يظهر فيها الرئيس عبد الله السلال والدكتور البيضاني مع امين نعمان وسنان أبو لحوم وعبدالله الضبي ومحمد الفسيل واحمد المروني امام القصر الجمهوري.
- الجيش الذي سيقوم بالانقلاب.
- بناء ميناء الحديدة لاستيراد الأسلحة الثقيلة التي تختلف عن الأسلحة الموجودة في أيدي القبائل.
- إنشاء طريق بين الحديدة وصنعاء لضمان الوصول للعاصمة سريعاً لحمايتها.
- دولة تساند الثورة.
- إعلام قادر على التبشير بمبادئ الثورة.
تم وضع خطة الانقلاب في مدينة جرمش بألمانيا (بالألمانية: Garmisch-Partenkirchen) عندما أجتمع البيضاني وعبد الغني مطهر.[13] ثم بعد ذلك سافر البيضاني إلى القاهرة لعرض الخطة على المسؤولين المصريين هناك وكان من ضمنهم أنور السادات، صلاح نصر مدير المخابرات العامة ونائبه علي سليمان والرئيس المصري جمال عبد الناصر. وكان يصاحب البيضاني في بعض هذه اللقاءات محمد قائد سيف الذي شارك في انقلاب سنة 1948 الذي قاده عبد الله الوزير. ورغم تردد عبد الناصر في بداية الأمر، إلا أنه وافق على دعم الأحرار اليمنيين.
وكانت خطة الثورة مقسمة على ثلاثة خلايا: الأولى في تعز حيث يقيم الإمام أحمد والثانية في العاصمة صنعاء والثالثة في الحديدة حيث يوجد الميناء. وكانت بداية الخطة من تعز حيث يوجد 800 جندي منهم 530 مجندين لصالح الأحرار وكان من ضمن قادة أفرع الجيش المجندين أيضاً قائد المدرعات وقائد المدفعية.[13] وكانت تنقص خلية تعز بعض الأسلحة فقام عبد الغني مطهر بنقلها لهم من صنعاء. وكانت على خلية تعز القيام باغتيال الإمام أحمد داخل قصره وهو ما حدث على يد محمد العلفي وعبد الله اللقية.[15]
وبعد أن تنتهي مهمة تعز تبدأ مهمة صنعاء، وكانت الخطة تقتضي بأن يعلن قادة الخلية هناك إدانتهم للانقلاب في تعز ثم يستدركون البدر ولي العهد والشخصيات الهامة خارج مقارهم للتخلص منهم أوالتحفظ عليهم بدون مشقة القتال مع حرسهم الخاص مستغلين صفاتهم الرسمية فعلى سبيل المثال كان عبد الله السلال قائد الحرس الإمامي. وكانت حادثة اغتيال يحيى محمد عباس رئيس الاستئناف خير مثال.[15]
وكان من ضمن مهام خلية صنعاء أيضاً احتلال الإذاعة وكانت هذه المهمة بقيادة العقيد حسن العمري نائب وزير المواصلات ومدير اللاسلكي. وكان يجب عليهم إما احتلالها أو تدميرها لأنه كان يوجد هناك إذاعة أخرى في أسوان. فإذا بقت إذاعة صنعاء تحت سيطرة الملكيين أصبح هناك محطتين للإذاعة.[13] ثم تبدأ بعد ذلك مهمة الحديدة التي يقودها العميد حمود الجايفي وكان عليهم تأمين الميناء لوصول القوات المصرية.
التنفيذ
عندما قتل الإمام أحمد في 19 سبتمبر عام 1962 على أيدي الثوار، خلفه ابنه الإمام بدر. وفي هذه الأثناء، تناقش ضباط الجيش إذا كان هذا هو الوقت المناسب للقيام بالانقلاب أو الانتظار حتى عودة الأمير الحسن من الخارج للقبض عليهما معاً في وقت واحد.ولكن العقيد عبد الله السلال قرر التحرك وأمر بإعلان حالة التأهب القصوى في الكلية الحربية بصنعاء وفتح جميع مستودعات الأسلحة وتوزيعها على كل الضباط الصغار والجنود. وفي مساء 25 سبتمبر، جمع عبد الله السلال القادة المعروفين في الحركة القومية اليمنية والضباط الذين تعاطفوا معها أو شاركوا في محاولة انقلاب الثلايا عام 1955.[16][17] وكان كل ضابط وكل خلية بانتظار تلقي الأوامر وبدء التحرك بمجرد بدء قصف قصر الإمام بدر. وتضمنت الأماكن الهامة التي يجب تأمينها قصر البشائر (قصر الإمام)؛ قصر الوصول (قصر استقبال الشخصيات الهامة)؛ الإذاعة؛ الاتصالات التليفونية؛ قصر السلاح (مخزن السلاح الرئيسي)؛ ومقرات الأمن الداخلي والمخابرات. وتم تنفيذ الثورة بواسطة 13 دبابة من اللواء بدر، 6 عربات مصفحة، مدفعين متحركين، ومدفعين مضادين للطائرات. وكانت الكلية الحربية هي مقر القيادة والسيطرة على القوات التي تقوم بالانقلاب.[18]
توجهت وحدة من الضباط الثوريين مصحوبة بالدبابات إلى قصر البشائر. وقاموا باستخدام مكبرات الصوت لدعوة الحرس الملكي للتضامن القبلي وتسليم الإمام بدر الذي تقرر إرساله للمنفى بسلام. ولكن الحرس الملكي رفض الاستسلام وفتح النار على وحدة الضباط، مما دفع الثوريين إلى الرد بقذائف المدافع والدبابات. حيث كانوا قد قرروا استخدام الدبابات والمدفعية منذ البداية.
وقد استمرت معركة القصر حتى استسلم الحرس الملكي في صباح اليوم التالي. وكانت الإذاعة قد سقطت منذ البداية بعد مقتل ضابط ملكي واحد وانهيار المقاومة. أما مخزن السلاح فكان أسهلها، فكان يكفي أمر مكتوب من العقيد السلال[19] لفتح المنشأة ثم تنحية الملكيين منها وتأمين البنادق، المدفعية والذخيرة. وقد سقطت الاتصالات التليفونية أيضاً بدون أي مقاومة. وفي قصر الوصول، فقد ظلت الوحدات الثورية آمنه تحت ستار حماية وتأمين الدبلوماسيين والشخصيات الهامة التي جاءت لتبارك لولي العهد الجديد.
وفي صباح 26 سبتمبر، تم تأمين كل المناطق في صنعاء وأعلنت الإذاعة أنه قد تمت الإطاحة بالإمام بدر وحلت محله حكومة ثورية جديدة. ثم بدأت الوحدات الثورية في مدن تعز، حجة، وميناء الحديدة تأمين ترسانات السفن، المطارات ومنشآت الميناء. وكان عهد الإمام أحمد عهد معارضة وثورات، وقد تعرض الإمام إلى 12 محاولة اغتيال، منها محاولة فاشلة لاغتياله وهو على فراش الموت. وما كانت الثورة التي قام بها الضباط عبد الله السلال وعبد الرحمن البيضاني والدكتور محسن العيني إلا تركيز النشاطات الثورية في جهد منظم واحد للإطاحة بحكم الإمام. وقد كان قائد المجموعة، السلال، متأثراً بقراءاته عن الثورة الفرنسية وكتاب عبد الناصر "فلسفة الثورة".
توابع الانقلاب

خريطة توضح محافظات اليمن.
وكان أنور السادات يعتقد أن لواء مدعوم بالطائرات يمكنه تأمين السلال ومجموعة الضباط الأحرار اليمنيين.[22] ولكن تسارعت الأحداث وقامت السعودية - التي كانت تخشى المد الناصري - بإرسال قوات إلى الحدود اليمنية. وأرسل ملك الأردن رئيس أركان جيشه إلى الأمير حسن لإجراء مباحثات. وفي الأيام الممتدة بين 2 و 8 أكتوبر، غادرت أربع طائرات شحن سعودية محملة بالسلاح لإرساله إلى القبائل اليمنية الموالية للإمام. ولكن الطيارون اتجهوا إلى مدينة أسوان المصرية.[23] وقد أعلن سفراء ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، والأردن، دعمهم لنظام الإمام بينما أعلنت مصر، إيطاليا، وتشكوسلوفاكيا، دعمها للثورة الجمهورية.
الدوافع الإستراتيجية المصرية

خريطة طبوغرافية للبحر الأحمر والدول المحيطة به.

عبد الحكيم عامر في صنعاء في ثورة 26 سبتمبر اليمنية
ويظهر كتاب دانا آدمز شميدت (بالإنجليزية: Dana Adams Schmidt) - "اليمن، الحرب المجهولة" - أن عبد الناصر كان ينوي في البداية انتظار سقوط الإمام أحمد والعمل مع الإمام بدر. ولكن كانت العلاقات العدائية بين عبد الناصر والإمام العجوز واضحة في شعر كتب بواسطة الإمام هاجم فيه الاشتراكية[25] عام 1961. ورد عبد الناصر عليه بواسطة إذاعة صوت العرب. ولكن الكتاب الذي يمكن أن يكون قد وضح الأسباب والدوافع التي جعلت عبد الناصر يرسل القوات المصرية إلى اليمن هو كتاب اللواء محمود عادل أحمد الذي نُشر عام 1992 واسمه "ذكريات حرب اليمن 1962-1967". ويوضح الكاتب أنه في 29 سبتمبر تم مناقشة القرار في مجلس قيادة الثورة. وقد اعتقد المجلس أنه من الضروري إرسال قوات مصرية لردع الممالك العربية التي تحاول إجهاض الانقلاب اليمني، وخصوصاً المملكة العربية السعودية.[18]
وكتب المؤرخ السياسي والصديق المقرب من عبد الناصر - محمد حسنين هيكل - في كتاب "لمصر لا لعبد الناصر"، أنه قد تناقش مع عبد الناصر في موضوع دعم الانقلاب في اليمن وكانت وجهة نظره أن وضع ثورة السلال لا يمكنها من احتواء العدد الكبير من القوات المصرية التي سترسل إلى اليمن لدعم نظامه. وإنه من الأفضل التفكير في إرسال متطوعين عرب من جميع أنحاء العالم العربي للقتال بجانب القوات الجمهورية اليمنية. وقد ضرب هيكل مثال الحرب الأهلية الإسبانية للتطبيق في اليمن. ولكن عبد الناصر رفض وجهة نظره وكان مصراً على ضرورة حماية الحركة القومية العربية.[22] وكان عبد الناصر يعتقد أن لواء من القوات الخاصة المصرية مصحوباً بسرب من القاذفات المقاتلة يمكنه أن يحمي الجمهوريين في اليمن. وكان جمال عبد الناصر يتطلع إلى تغيير النظام اليمني منذ سنة 1957، وفي يناير من عام 1962 وجد الفرصة سانحة لتحقيق تطلعاته وذلك بدعم حركة الضباط الأحرار اليمنيين بالإيواء والمال وعلى موجات إذاعة صوت العرب.[26]
ومن بين الأسباب التي أدت بعبد الناصر إلى إرسال القوات المصرية إلى اليمن:
- تأثير دعمه لحرب تحرير الجزائر من سنة 1954 إلى سنة 1962.[27][28]
- انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.
- تدهور علاقاته من بريطانيا وفرنسا بسبب دعمه للجزائريين وكذلك على الأخص بسبب جهوده لتقويض حلف بغداد[29] الذي أدى سقوطه إلى سقوط الملكية في العراق عام 1958.
- كان عبد الناصر يعتقد أن قدر مصر هو مواجهة الاستعمار.
- نُسب إلى وزير الدفاع المصري حينها - المشير عبد الحكيم عامر - قوله أن وجود جمهورية على أرض اليمن هو أمر حيوي بالنسبة لمصر لضمان السيطرة على البحر الأحمر من قناة السويس إلى مضيق باب المندب.[18]
- كان ينظر للحرب في اليمن على أنها وسيلة لكسب النقاط في صراعه مع النظام الملكي السعودي الذي آمن عبد الناصر أنه سعى إلى فك الوحدة بين مصر وسوريا.
في ميدان القتال

العقيد كمال حسن علي قائد العمليات المصري على مكتبه في صنعاء.

جندي مصري في الكلية الحربية بصنعاء يعلم طالبا يمنيا استخدام حربة البندقية
أسباب حرب اليمن التي شاركت فيها مصر؟
ردحذفبقلم د. ناجح إبراهيم
كانت حرب اليمن التي خاضتها القوات المسلحة المصرية في اليمن بداية من سنة 1962 إحدى المقدمات المهمة لهزيمة 5 يونيه 1967..
وتبدأ قصة تورط الجيش المصري في اليمن نتيجة السياسة المصرية التي انتهجها الرئيس جمال عبد الناصر وقتها والتي تقضي بمحاربة الأنظمة الملكية والتي كان يطلق عليها النظام الناصري وقتها (بالأنظمة الرجعية).
وقد آلت مصر علي نفسها في ذلك الوقت بالقضاء علي هذه الأنظمة بكل الوسائل حتى إذا تطلب الأمر المساعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية لها.. ونشر المد الثوري في أرجاء الوطن العربي بل ومد ذلك إلي أفريقيا في بعض الحالات..
وفي 26 سبتمبر سنة 1962 قامت الثورة في اليمن وطلب مجلس قيادة الثورة اليمنية مساعدات عسكرية من مصر حيث بدأت الأخيرة في الاستجابة لهذه الطلبات..
وفي 30 سبتمبر سنة 1962أرسل المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية اللواء أ. ح. علي عبد الخبير ومعه بعض ضباط الصاعقة والمظلات وغيرهم إلي اليمن لمقابلة أعضاء مجلس قيادة الثورة اليمنية ومعرفة طلباتهم.
ثم بدأت مصر في إرسال بعض الوحدات الفرعية من الصاعقة والمظلات للمعاونة في حماية الثورة.. ثم تطور الأمر سريعاً حيث ذهب المشير عامر ومعه الفريق أنور القاضي رئيس هيئة العمليات المصرية إلي اليمن وكلفوا بمساعدة الثورة اليمنية بلا حدود..
وبذلك تطورت الأمور إلي حد بعيد حيث تدفقت القوات المصرية يومياً من القاهرة إلي صنعاء.. وبدأت مصر في إنشاء جسر جوي وبحري ضخم عبر آلاف الكيلو مترات لنقل الرجال والعتاد والأسلحة والمهمات والتعينيات بل والذهب إلي أرض اليمن.
وقد وصل حجم القوات المصرية في اليمن إلي 130 ألف جندي.. ناهيك عن عشرات الآلاف من المعدات والذخائر.. حتى وصل عدد الذخائر المستهلكة 20مليون طلقه ذخيرة.. كما جاء في كتاب أوراق قائد ميداني للواء عبد المنعم خليل.
وفي المقابل قامت السعودية ومعها بريطانيا وبعض الدول الأخرى بمساندة قوات الإمام المناهضة لثورة اليمن والتي تصدت للقوات المصرية بشراسة..
فقد نشرت الوثائق البريطانية التي صدرت منذ عدة سنوات عن المساعدات التي قدمتها بريطانيا للقوات اليمنية المناهضة للثورة والقوات المصرية وذلك بالأموال والأسلحة والتدريب والعتاد حتى لا تتحول اليمن إلي موطأ قدم للأنظمة الثورية التابعة لعبد الناصر والتي كانت تهدد النفوذ الأوربي والأمريكي في منطقة الخليج.
وبذلك استمرت المواجهات المسلحة بين الفريقين دون غالب ولا مغلوب.. وبطريقة الكر والفر.. وباستخدام أسلوب حرب العصابات مثل نصب الكمائن والإغارات المتبادلة.. مما سبب خسائر كبيرة في صفوف الفريقين لاسيما في أبناء الجيش المصري الذي اضطر في بعض الأحيان لاستخدام "النابالم"ونحوه وبعض الأساليب الأخرى لردع هؤلاء المقاتلين اليمنيين.. مثل الإغارة علي القرى وتدمير بعضها وقصف بعضها بالطيران والمدفعية.. الخ..
وبذلك تحولت حرب اليمن إلي حرب استنزاف مفتوحة وقاسية ليس فقط للاقتصاديات المصرية ولكن أيضاً لقواتها المسلحة.. علي حد قول اللواء أ . ح . د زكريا حسن مدير أكاديمية ناصر العسكرية.
وبذلك ابتعلت اليمن خيرة وحدات القوات المسلحة المصرية وأهلكت أفرادها ومعداتها وأسلحتها وطائراتها ..
وقد كان من سلبيات حرب اليمن الكبرى أن القوات المسلحة المصرية دخلت في حرب لا تناسب الجيوش ولكنها تناسب قوات الشرطة التي تصلح لتعقب العصابات.. فسرعان ما نسيت القوات المسلحة المصرية قتال الجيوش وفنون الحروب المعروفة لتنغمس لمدة ست سنوات كاملة في حرب عصابات.. وكر وفر.. وهجوم وتعقب .. وقبض وتحقيق وتعذيب لا يصلح للجيوش.. وبذلك فقدت كفاءتها العسكرية وقدرتها القتالية وعادت إلي الوطن بعد هزيمة يونيه سنة 1967 لتحتاج إلي إعادة تدريبها وتأهيلها من جديد للحروب الحقيقية وتكتيكاتها مع الجيوش.
ردحذفقد يقول البعض: وما الذي دفع القيادة المصرية للتورط في اليمن ؟
الكثير يرجع السبب في ذلك إلي أن المشير عامر بالذات ومن خلفه عبد الناصر أرادا تغطية فشلهما وفشل الأول بالذات في مشروع الوحدة مع سوريا بمساندة الثورة في اليمن وإيجاد موطئ قدم لمصر الثورية في اليمن تمهيداً لنشر الثورة وأفكارها في السعودية وما حولهما من إمارات الخليج الغنية بالبترول.
وقد باء التدخل العسكري المصري في اليمن بالفشل الذريع.. وقد ظهر هذا جلياً بعد هزيمة يونيه لسنة 1967حيث حرمت القوات المصرية من جزء هام منها كان يقاتل في معركة لا قيمة لها في الإستراتيجية العربية لمواجهة العدو الرئيسي وهو إسرائيل.
وذلك كله جعل عبد الناصر يعقد اتفاقاً مع الملك فيصل ملك السعودية لسحب القوات المصرية من اليمن وتسوية النزاع بين الدولتين.
إن تجربة إرسال الجيش المصري إلي اليمن ظلت كابوساً يؤرق الساسة المصريين وكذلك العسكريين.. حتى أضحت درساً إستراتيجياً وثابتا من ثوابت السياسة المصرية الحديثة..
ففي عام 1982 وبعد وصول العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية إلي مرحلة الصراع المسلح بعد ضلوع ليبيا في عدة عمليات ضد المصالح الأمريكية والغربية وتفجير طائرة TWA في لوكيربى .. حاول الرئيس الأمريكي ريجان إقناع الرئيس المصري حسني مبارك باجتياح الجيش المصري للحدود الليبية والمساعدة في إسقاط النظام الليبي برئاسة معمر القذافى.. مع تكفل الولايات المتحدة الأمريكية بدفع كافة نفقات هذه الحملة مع مساعدة مصر عسكرياً واقتصادياً وسياسياً.. ولكن الرئيس المصري رفض هذا العرض المغري بشدة.. ولو تورطت مصر وقتها في هذا الأمر لكررت مأساة حرب اليمن مرة أخري
المصدر: د/ ناجح ابراهيم